العدسة المصرية

مجلس الوزراء: مصر هي الدولة الوحيدة التي حققت النمو على الرغم من جائحة كورونا

ألقت هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في مصر، نيابة عن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمة افتتاح النسخة الثانية من القمة الاقتصادية لمصر 2020، التي تنظمها مؤسسة اليوم السابع، تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء.

وقالت هالة السعيد خلال كلمتها إن القمة تأتي تأكيداً وتعزيزاً للنهج التشاركي الذي تتبناه الحكومة في جهودها لتحقيق التنمية في مختلف القطاعات، مؤكدة حرص الدولة على تشجيع المشاركة المجتمعية في معالجة كافة القضايا المتعلقة بالشأن العام، خاصة الجانب الاقتصادي.

وأضافت هالة السعيد أنه عند استعراض تجربة التنمية في مصر في السنوات الأخيرة، يجب أن تكون النظرة إليها أكثر شمولا ومعرفة بالمتغيرات والتحديات التي شكلت بيئة العمل والتي قامت عليها هذه التجربة، متابعا أن التقدير الدقيق لحجم الإنجاز يقاس بحجم التحدي.

شهدت مصر العديد من التغيرات والتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكبرى في السنوات الأخيرة، وتحديداً منذ يناير 2011، وما ترتب عليها من تراكم للاختلالات الهيكلية التي عانى منها الاقتصاد المصري على مدار عقود، سواء في القطاع الحقيقي، أو في القطاع المالي والنقدي، أو في القطاع الخارجي.

وأضافت هالة السعيد أن كل هذه التحديات أثرت سلباً على تراجع معظم مؤشرات الاقتصاد الكلي من تراجع معدلات النمو إلى أدنى مستوياتها في 2010/2011 بنحو 1.8%، وهو أقل بكثير من معدل النمو السكاني، مشيراً إلى أن تحقيق التنمية يتطلب استدامة النمو الاقتصادي الإيجابي ليتجاوز أقل معدلات النمو السكاني ضعفاً، بعد زيادة حدة التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري في ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية، والأحداث الإقليمية والدولية التي شهدتها المنطقة العربية والدول المجاورة في السنوات الأخيرة، والتفشي الجديد لوباء الهالة وما يرتبط به من آثار صحية واقتصادية واجتماعية سلبية. ولم يكن هناك سوى تكثيف للعمل الجاد والمستمر، الذي استند إلى التخطيط الشامل والرؤية الطموحة للمستقبل، لكي تضع الدولة المصرية استراتيجية للتنمية المستدامة: رؤية مصر 2030.

وأوضحت هالة السعيد أن تنفيذ الحكومة للعديد من الإصلاحات خلال المرحلة الأولى من البرنامج القومي للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي منذ نوفمبر 2016 أدى إلى تحقيق الاستقرار الكلي والنمو الشامل، وهو ما انعكس في المؤشرات الإيجابية التي شهدها الاقتصاد المصري خلال العام المالي 2019/2020 وقبل اندلاع أزمة الهالة. بلغ النمو الاقتصادي حوالي 5.6٪ في النصف الأول من عام 2020، وحوالي 5% خلال الربع الثالث من عام 2019/2020، بمتوسط نمو بلغ 5.4% في الأشهر التسعة الأولى من العام، حتى ظهرت أزمة الهالة وأثرت على تراجع العديد من المؤشرات الاقتصادية، مؤكدة أنه على الرغم من هذا الانخفاض النسبي، إلا أن جهود الإصلاح وتنويع الاقتصاد المصري ساهمت في أن يصبح الاقتصاد المصري أكثر مرونة وقدرة على استيعاب الصدمات الاقتصادية الخارجية.

وأشارت هالة السعيد إلى التوقعات الإيجابية للمؤسسات الدولية فيما يتعلق بالاقتصاد المصري، وهو الاقتصاد الوحيد في المنطقة الذي حقق معدلات نمو اقتصادي إيجابية في ظل الأزمة، مشيراً إلى نتائج تقرير التوقعات الاقتصادية العالمية الصادر عن صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2020، والذي رفع فيه توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي. وارتفع إجمالي مصر إلى 3.5% لهذا العام، مقارنة بتوقعاتها السابقة البالغة 2% في تقرير يونيو الماضي، مما يجعل مصر من بين الاقتصادات الثلاثة الوحيدة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى التي حققت نمواً اقتصادياً في عام 2020، بالإضافة إلى تقرير وكالة فيتش للتصنيفات، الذي ذكر أن مصر في طريقها لتحقيق أعلى معدل نمو حقيقي للناتج المحلي الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين 2020 و 2024. وفي هذا السياق يأتي انخفاض معدل البطالة إلى 7.3% في الربع الثالث (يوليو- سبتمبر) من عام 2020 مقارنة بـ 9.6% في الربع السابق (أبريل- يونيو) من العام.

كما أشارت هالة السعيد إلى أن جميع المؤسسات الدولية أشادت بالاستجابة المصرية السريعة للموجة الأولى من وباء الهالة، واصفة إياها بأنها من الأفضل في أفريقيا والشرق الأوسط، حيث اتخذت الحكومة سياسات استباقية تعتمد على خطة واضحة ومدروسة تستهدف جميع الفئات والقطاعات الاجتماعية للتخفيف من آثار وباء الهالة. المتابعة أن الخطة استندت إلى عدة محاور تتمثل في دعم القطاعات المتضررة، ودعم القطاعات التي تتمتع بالمرونة والقدرة على تحمل الأزمة والانتعاش السريع، والعمل على تعظيم الاستفادة من الفرص التي يمكن توافرها في هذه القطاعات، بالإضافة إلى دعم الفئات المتضررة من خلال دعم العمالة النظامية وغير المنتظمة. وأشار إلى أن المنحة الرئاسية التي كانت مقررة لمدة ثلاثة أشهر تم تمديدها بتوجيه من رئيس الجمهورية حتى نهاية عام 2020، بالإضافة إلى تنشيط الاقتصاد من خلال زيادة الدخل وزيادة الاستثمارات في القطاعات ذات الأولوية.

وأضافت هالة السعيد أن أزمة الهالة أعادت ترتيب أولويات جميع الدول، مؤكداً أهمية عدة مجالات تمثل أولويات ملحة لمعظم دول العالم، وفي مقدمتها قطاعي الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية، مؤكداً اهتمام الدولة المصرية بأن تراعي أثناء التعامل مع الأزمة التوازن بين حماية الأفراد واستمرار النشاط الاقتصادي وأشار إلى أن ذلك انعكس على اهتمام الحكومة بشبكات الحماية الاجتماعية وخلق فرص العمل، من خلال التوسع في عدد المستفيدين من برنامج تكافل وكرامة والاستمرار في تنفيذ مبادرتي الحياة الكريمة وقوارب البقاء على قيد الحياة كأهم الأدوات لتعزيز مظلة الحماية الاجتماعية.

وأضافت الوزيرة أن اهتمام الدولة المصرية بتوطين التنمية لأهدافها التنموية المستدامة جاء ضمن الأولويات بهدف تحقيق مفهوم “النمو الشامل والمستدام والتنمية الإقليمية المتوازنة” كأحد الركائز الأساسية لرؤية مصر 2030، مشيراً إلى أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية تعمل على تنفيذ مشروعات لتحقيق ذلك بالتعاون مع شركاء التنمية المحليين والدوليين من خلال تحديد أهداف كمية لكل مؤشر من مؤشرات أهداف التنمية المستدامة على المستوى الوطني وعلى مستوى المحافظات. وأوضحت أن ذلك يهدف إلى تعظيم الاستفادة من المزايا النسبية للمحافظات والمناطق المصرية، والاستثمارات المباشرة في إطار الخطة العامة للدولة بشكل أكثر كفاءة وفعالية، مع التركيز على المحافظات التي لديها فجوات تنموية أكبر وفقاً لفكرة الاستهداف، والتي تقوم عليها جهود الدولة لتنفيذ المشروعات التنموية.

كما أكدت هالة السعيد أن الدولة المصرية تقوم بزيادة الاستثمارات العامة من خلال التركيز على عدة قطاعات واعدة تمثل ركيزة أساسية لدفع عجلة النمو في المرحلة المقبلة مثل قطاعات الخدمات الصحية والمستلزمات الطبية والزراعة والصناعات الغذائية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبناء والصناعات التحويلية. وفي هذا السياق، تهدف الدولة إلى زيادة الاستثمارات العامة بنسبة 70%، على نحو يعكس الأولويات التي فرضتها أزمة الهالة. ومن أهم القطاعات التي يتم فيها زيادة الاستثمارات المخصصة له قطاع الصحة وقطاع التعليم، حيث أن له أهمية قصوى بالنسبة للدولة المصرية باعتبارها الأداة الرئيسية للتنمية وبناء القدرات البشرية والمدخل الرئيسي لتقدم المجتمع.

وأضافت هالة السعيد أن خطط وبرامج التطوير تركز على تطوير الخدمات التعليمية وتطويرها بما يتماشى مع متطلبات العصر. ولتحقيق ذلك، تضمن برنامج عمل الحكومة للنهوض بقطاع التعليم استراتيجية شاملة لتطوير التعليم سواء كان عاماً أو فنياً، لتحسين جودة النظام التعليمي بما يتماشى مع النظم الدولية، والعمل أيضاً على إتاحة التعليم للجميع، فضلاً عن تحسين القدرة التنافسية لنظم ومخرجات التعليم بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل. وأوضحت أن الدولة تعمل جاهدة على حشد الموارد المالية اللازمة للنهوض بقطاع التعليم وزيادة الاستثمارات الموجهة لهذا القطاع، حيث تهدف الخطة إلى توجيه إجمالي استثمارات لخدمات التعليم تبلغ نحو 50.9 مليار جنيه في عام 2021 مقابل نحو 31.4 مليار جنيه في عام 2020 بزيادة قدرها 61%. الاستثمارات العامة في خطة السنة المالية 2020/21 هي 47.7 مليار جنيه، أي 93.7٪ من إجمالي الاستثمارات مع ارتفاع بنسبة 28٪ مقارنة بالعام السابق.

وأوضحت هالة السعيد أن الدولة تولي أيضاً أهمية قصوى لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية للرقمنة في إطار تعزيز التوجه نحو التحول الرقمي وتكثيف الاستثمارات في هذا المجال، موضحاً أن الدولة توسعت في استثماراتها في قطاع البنية التحتية للمعلومات والرقمنة، حيث ارتفع حجم الاستثمارات الموجهة لهذا المجال في خطة 2020/21 إلى نحو 10 مليارات جنيه بزيادة قدرها نحو 300%.

وأضاف الوزير أن القطاع الصناعي بشكل عام، وخاصة الصناعات التحويلية، يأتي من القطاعات الرئيسية التي تقوم عليها جهود الدولة لتحقيق النمو المستدام، وتنويع الهيكل الإنتاجي، وخلق فرص عمل لائقة ومنتجة من خلال زيادة الاستثمارات العامة الموجهة لقطاع التصنيع غير البترولي إلى نحو 65 مليار جنيه، مع زيادة إنشاء المجمعات الصناعية المتخصصة ، البدء في توطين مشتريات شركات قطاع الكهرباء، وتوطين إنتاج المنتجات الطبية، والتي أثبتت أزمة الهالة ضرورة زيادة معدلات الاكتفاء الذاتي. كما تهدف الخطة إلى تعميق التصنيع الزراعي وتوطين منتجات قطاع الاتصالات، وتصنيع القطارات وملحقات السكك الحديدية، وتصنيع الأجهزة المنزلية، وصناعة الأثاث، وذلك للاستفادة من التغيرات في سلاسل التوريد العالمية في الوصول إلى الأسواق الجديدة التي تتمتع فيها المنتجات المصرية بمزايا تنافسية.

كما تطرقت هالة السعيد للحديث عن الاتجاه نحو الاقتصاد الأخضر، موضحاً أنه في ضوء العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، تتبنى الحكومة المصرية استراتيجية وطنية للانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، حيث يجري العمل على تحقيق 30% من المشروعات الاستثمارية في خطط الدولة لمفهوم الاستدامة البيئية والاقتصاد الأخضر بحيث ترتفع النسبة إلى 100% خلال السنوات الثلاث المقبلة. وأشارت إلى التعاون بين وزارتي التخطيط والتنمية الاقتصادية والبيئة لوضع معايير للاستدامة البيئية سبق أن وافق عليها مجلس الوزراء في أكتوبر الماضي. وأضافت أن مصر كانت في طليعة دول المنطقة التي تصدر سندات خضراء في السوق الدولية.

وأكدت هالة السعيد أن الدولة تدرك أنه لا تزال هناك تحديات كبيرة يجب مواجهتها، مع خلق فرص واعدة من تلك التحديات للعمل والتنمية في المستقبل، مشيرا إلى أن من أهم التحديات زيادة معدلات النمو السكاني. وأوضحت أنه إذا كان معدل النمو السكاني الحالي البالغ 2.56% مستقراً فإن عدد سكان مصر سيصل إلى 132.3 مليون نسمة في عام 2030. وهذا يعني أن مصر تتزايد سنوياً بحجم بلد يبلغ عدد سكانه 2.5 مليون نسمة، مما يزيد من عدم التوازن بين معدل النمو السكاني وحجم الموارد، ويلتهم نتائج وثمار النمو المحقق، بل ويهدد بمزيد من الضغوط والتحديات الاقتصادية والاجتماعية، مما يؤدي إلى تراجع العائد من جهود التنمية وبشكل أكثر تحديداً نصيب الفرد من الإنفاق على التعليم ، الصحة، والإسكان، والنقل. وأشارت إلى صعوبة مواجهة مشاكل البطالة والتباين في مؤشرات التنمية بين المناطق والمحافظات المختلفة مع كل ذلك، لذلك تعمل الدولة على إدارة قضية الإسكان من خلال السيطرة على النمو السكاني وتحسين الخصائص السكانية مثل التعليم والصحة وفرص العمل والتمكين الاقتصادي والثقافة.

وأضاف الوزير أن الدولة تسعى لمواجهة هذا التحدي من خلال العمل على مسارين متوازيين يتمثلان في وضع خطة شاملة لضبط معدلات النمو السكاني سيتم تنفيذها اعتباراً من مطلع عام 2021 بالتعاون بين جميع الوزارات والجهات المعنية. وتتضمن هذه الخطة خمسة محاور رئيسية هي: التمكين الاقتصادي، والتدخل الخدمي، والتدخل الثقافي والإعلامي والتعليمي، والتحول الرقمي، والتدخل التشريعي، بالإضافة إلى العمل على تعظيم الاستفادة من الموارد البشرية الحالية من خلال تنفيذ حزمة مختلفة من البرامج التدريبية، وبناء القدرات، وتوسيع الاستثمار في الناس.

وأضافت أن أحد التحديات التي تواجه أيضا هو توفير التمويل اللازم للتنمية، خاصة فيما يتعلق بتنفيذ مشاريع البنية التحتية، الأمر الذي يتطلب، بالإضافة إلى رفع كفاءة الإنفاق العام وتعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة، وهو ما تعمل عليه الدولة من خلال التوسع في تطبيق ميزانية البرنامج والأداء العمل أيضا على تنويع مصادر التمويل من خلال إنشاء آليات للشراكة الفعالة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

نحن نحب سماع آرائكم!

شاركنا رأيك أو اطرح سؤالاً في قسم التعليقات أدناه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى